شذرات فلسفية – ١

اقتباس من رواية عالم صوفي: “لماذا تتشابه الجياد يا صوفي؟ ربما تفكرين أن هذا ليس حقيقة. لكن هناك واقع أن بين الجياد شيئا مشتركا، يجعلنا نتعرف اليها كجياد، بشكل قطعي. وإذا كان كل واحد منها يخضع بمفرده لمسيرة تطور تقوده في النهاية إلى الموت فإن ذلك لا يمنع أن قالب الحصان يظل، هو، أبديا، وغير زائل” -إنتهى الاقتباس-

مفهوم الحصانية في المقتبس أعلاه المتمثلة في القوة والسرعة والجمال، يمكنني تشبيهه بمفهوم الرجولة، فإن كل رجل له صفاته التي تخصه، كالشهامة والطيبة أو الجبن والخسة، وكل صفة تخص رجل دون غيره، ولكن يبقى الرجل رجلا ثابتاً في خصيصته أبدياً في قالبه المادي، فمنذ آدم والى لحظتي هذه، فنحن الرجال جميعاً رجال بخصيصة الذكورة وسنبقى نفس “الطينة” كما تصفنا النساء والى الأبد. هي الروح التي تسكن في قالبنا، وهي ذاتها الفريدة التي تعطي لمعنى الرجولة أشكالاً غير ثابتة. إن ما تعود إليّ من روح فهي خاصتي بي، ولرجل غيري روحاً غيرها تخصه، وهنا الروح ما عادت ثابتة، بل متغيرة على ثباتها، فتجعل من بعضنا رجالاً بألف رجل، ومن بعضنا أنصاف رجال أو أشباههم. ففي مثلي هذا الروح صارت جواداً والرجولة صفاته.

التغيير لا ينفي الثبات، فمع تعدد أصناف الرجال وخلطهم بأشباههم للاختلاف الظاهر فيما بينهم، تبقى الرجولة ثابتة مستقرة لا تتغير، وإن تغير قالب حاملها. فالرجولة لا تنفي الذكورة، ولكنها تشترطه. الذكورة خصيصة الرجل، ولكنها ليست حكراً مطلقاً عليها، فكم من امرأة بألف رجل. هي الرجولة ثابتة إذن حتى وإن انعدمت في رهط موجود من الذكور. باختصار فإن الرجولة، يُنظر إليها كجوهر مثالي دائم، بينما الرجال الأفراد يمثلون من مظهرها التغيير واللاثبات.

وبنفس الرؤية فان العدم لا ينفي الوجود، وما لا تلتقطه العين، لا يعني عدميته، وإلا فإن التكوين الآدمي المنتهي في صغره عند حدود الجسيم الأولي غير قابل للتجزئة، المسمى كوارك وحليفه الالكترون، مادون الذري سيؤكد على عدمية وجودنا نحن، لأنه لا وجود لما دونهما، وبالتالي لا وجود لأساسنا.

اترك تعليقاً